" أفترض أن إنتاج الخطاب في كل مجتمع هو في نفس الوقت إنتاج مراقب و منتقى و معاد توزيعه من خلال عدد من الإجراءات التي يكون دورها هو الحد من سلطاته و مخاطره. إننا نعرف في مجتمع كمجتمعنا إجراءات الاستعباد. و أكثر هذه الإجراءات بداهة، و أكثرها تداولا كذلك هي المنع. إننا نعرف جيدا أنه ليس لدينا الحق في أن نقول كل شيء، و أننا لا يمكن أن نتحدث عن كل شيء في كل الظروف، و نعرف أخيرا ألا أحد يمكنه أن يتحدث عن أي شيء كان. أشير فقط إلى أن المناطق التي أحكم السياج حولها، و تتضاعف حولها الخانات السوداء في أيامنا هذه هي مناطق الجنس و السياسة: و كأن الخطاب، بدل أن يكون هذا العنصر الشفاف أو المحايد الذي يجرد فيه الجنس من سلاحه و تكتسب فيه السياسة طابعا سلميا، هو أحد المواقع التي تمارس فيها هذه المناطق بعض سلطتها الرهيبة بشكل أفضل.
يبدو أن الخطاب في ظاهره شيء بسيط، لكن أشكال المنع التي تلحقه تكشف باكرا و بسرعة عن ارتباطه بالرغبة و بالسلطة. و ما المستغرب في ذلك مادام الخطاب ليس فقط هو ما يظهر الرغبة، لكنه أيضا موضوع الرغبة، و مادام ليس فقط هو ما يترجم الصراعات أو أنظمة السيطرة، لكنه هو ما نصارع من أجله، و ما نصارع به، و هو السلطة التي تحاول الاستيلاء عليها".
حلل النص و ناقشه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ