Baitalhikma Bezzanou
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Baitalhikma Bezzanou

Baitalhikma
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الــــــحــــــق و العــــــدالـــــــة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
bezzanou
Admin



عدد الرسائل : 44
تاريخ التسجيل : 12/03/2009

الــــــحــــــق و العــــــدالـــــــة Empty
مُساهمةموضوع: الــــــحــــــق و العــــــدالـــــــة   الــــــحــــــق و العــــــدالـــــــة I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو - 18:07

[b]
الــــعـــدالـــة و الـــحــــق
[/b]

مــدخــل: إذا كان مفهوم العدالة صفة لما هو عادل، بحيث يحتوي معاني عديدة، كالفضيلة الأخلاقية و التصرف وفق ما تقتضيه القوانين و التشريعات، مما يجعل العدالة ترتبط بالمؤسسات القانونية و التشريعية التي تنظم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، كما يرتبط بالقيم الأخلاقية ، فإن مفهوم الحق أيضا تتعدد دلالاته بتعدد المجالات: ففي المجال المعرفي يفيد الحق الحقيقة و اليقين و الاستدلال، أما في المجال الأخلاقي فإنه يفيد العدل و المساواة و الإنصاف، مما يجعل من المفهومين مجالين متداخلين و منفتحين و متقاطعين مع مفاهيم أخرى.
و إذا كان الاهتمام الفلسفي في مراحله الأولى اهتم بالمجالات الأنطولوجية، فإن الفلسفة الحديثة و المعاصرة قد اهتمت بمفهومي العدالة و الحق من زاوية سياسية و قانونية و أخلاقية...
أما مفهوم الحق فإنه يشير من الناحية اللغوية إلى اليقين و الاستقامة و الثبات، غير أن تناوله بشكل إجرائي و ربطه بالممارسة العملية، يعطيه مكانة في اهتمامات الفكر الفلسفي الحديث و المعاصر، فقد اعتبره " لالاند " قي معجمه الفلسفي: معيارا أو قاعدة قانونية و أخلاقية، تؤطر علاقات الأفراد في ما بينهم داخل مجتمع سياسي منظم.
و إذا كنا نريد تحديد بعض الأصول النظرية و التاريخية التي كان لها الفضل في تناول مفهوم الحق، نشير إلى تراث بعض الحضارات القديمة و تعاليم الديانات الكبرى، و تطور الفلسفة السياسية و الأخلاقية في أوروبا مثل: نظريات العقد الاجتماعي، فلسفة عصر الأنوار، بالإضافة إلى صدور إعلانات و وثائق تاريخية إثر حدوث ثورات اجتماعية كبرى، و صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
و يقترن مفهوم الحق بالعدالة، بحيث لا يمكن الحديث عن أحدهما دون الآخر، الشيء الذي يدفعنا إلى الدخول في حقل استفهامي واسع نحدد بعض تساؤلاته كالتالي:
+ هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو قانوني؟ + هل العدالة فطرية و ذات جذور طبيعية في الإنسان أم أنها مكسب حضاري ناتج عن المجتمع أي عن التعاقد الضمني بين الأفراد بهدف تنظيم التعايش الاجتماعي؟ + ما طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة؟ + و أيهما يؤسس الآخر؟ + هل يمكن وجود الحق خارج القوانين و التشريعات؟ + و هل يكفي القانون لضمان الحق و العدالة؟ + إذا كانت العدالة في تحقيق المساواة أو الإنصاف، فهل تستطيع أن تنصف جميع الأفراد داخل المجتمع؟
.1. الحــق بين الـطـبـيـعـي و الـوضـعـي:
* الحــق الطبــيــعـي: هــوبــز / اســبــيــنــوزا: يؤكد طوماس هــوبـز على أن الحق الطبيعي، يتجلى في الحرية التي يتمتع بها كل إنسان ، و مادام كل إنسان يهدف إلى تحقيق مصالحه و أهدافه، فإن النتيجة المترتبة عن ذلك هي نشوب حرب الكل ضد الكل. فالحق الطبيعي بهذا المعنى هو حرية التصرف و الفعل، مع غياب الحواجز الخارجية التي تمنع الإنسان من فعل ما يريد.
إذن، لقد قدم هــوبـز واحدة من أهم صياغات الحق الطبيعي في كتابه " الــتــنــيــن "، بحيث اعتبر بأنه الحرية التي لكل إنسان في أن يتصرف كما يشاء في إمكاناته الخاصة للمحافظة على طبيعته الخاصة، و أن يفعل كل ما يرتئيه نظره و عقله ناجعا لذلك. و عليه فالحق الطبيعي هو الحق في الحياة و الحق في المحافظة عليها و الحرية المطلقة في حماية الوجود البيولوجي و الدفاع عنه.
و يمكن أن نميز بين الحق و القانون هنا، إذ الحق يكمن في حرية القيام بالفعل أو الامتناع عنه، في حين يعد القانون إلزاما بأحدهما، إذ يختلفان بالقوة التي يختلف بها الإلزام عن الحرية.
إذن، إن الحق الطبيعي يحتكم إلى القوة و يخضع لتوجيهات الغريزة و الأهواء ما يجعله حقا يقوم على الحرية المطلقة التي يترتب عنها الظلم و العدوان و العنف و الاستعباد... لأن أهواء الناس و ميولاتهم المتناقضة من شأنها أن تؤدي بالمجتمع الإنساني إلى الفوضى التي سادت حالة الطبيعة. فبقدر ما يحافظ كل رد على حق القيام بما يريد بقدر ما تكون في حالة الحرب. إن الحق يقتضي حسب هــوبــز وضع حد لحالة "حرب الكل ضد الكل". و بناء على ذلك، فإن العقل الإنساني بناء على قوانين طبيعي اكتشف قاعدة ضرورة التنازل عن الحرية المطلقة و تعايش الإنسان مع غيره حفاظا على سلامته و أمنه في إطار توافق اجتماعي.
و ينطلق باروخ اسبينــوزا من نفس التصور الذي بنى عليه هوبــز أطروحته: " السمك الكبير يأكل السمك الصغير "، أي أن قانون الغاب، قانون القوة، يسري على جميع الموجودات و الكائنات، حيث القوي يأكل الضعيف. و في كتابه " رسالة اللاهوت و السياسة "، الذي درس فيه المجتمع المدني و أشكال الأنظمة و أسس المجتمع المدني، يرى أن الحق الطبيعي هو حق لا يخضع لأية ضوابط إلا ضوابط الذات. و تبعا لذلك يكون لكل موجود طبيعي حق مطلق على كل ما يوجد تحت سيطرته، و من ثم يكون الحق بالنسبة للذات مطابقا لقدرتها.
إن اسبينوزا و إن كان يبدو ظاهريا مع وبز في موقفه، و أنه يلتقي معه في نفس التصور لحالة الطبيعة، إلا أن اسبينوزا العقلاني يستبعد أن تكون هناك سلطة خارجية، لها القدرة على وضع حد لحالة الطبيعة، إلا سلطة العقل. و للتخلي عن حالة العنف و الحرب يجب أن يتنازل الفرد عن الحق الطبيعي، عن طريق تعاهد حاسم.
إن الحق الطبيعي ليس له حدود، سوى حدود ذلك الشخص الذي يمارس ذلك الحق، لكن استمرار هذا الوضع و تشبث كل فرد بحقه الطبيعي سيؤدي إلى تعارض الحقوق و النهاية ستكون مأساوية. لهذا يرى اسبينوزا أن العقل هو الذي يميزنا عن باقي الكائنات. هكذا فإن التعاقد السليم هو ذلك الذي ينبني على العقل و الغاية من التعاقد هو الخروج من حالة العنف و القوة إلى حالة السلم و الأمن. و التعاقد بصفة عامة، يحتم على الذات التخلي عن كبريائها و ليحل ما هو أخلاقي محل ما هو غريزي.
2. الحـــق الــوضــعــي: روســـو: إن الحق الوضعي هو ذلك الذي وضعه الإنسان و قننه، و هو ما سماه روســـو بحالة التمدن، التي وضعت حدا للأنانية، و فرضت سيادة القانون من خلال العقد الاجتماعي، و هذا الأخير، يهدف التوحيد بين الحقوق والواجبات، و تهدف إلى إقرار العدالة و القانون.
و يميز روســو بين حالة الطبيعة التي يخضع فيها الأفراد لأهوائهم و رغباتهم، بحيث تطغى عليهم الأنانية و الذاتية و يحتكمون إلى قوتهم، و بين حالة التمدن التي يمتثل فيها الإفراد لتوجيهات العقل و يحتكمون إلى القوانين و التشريعات في إطار عقد اجتماعي يساهم الفرد في تأسيسه و يلتزم باحترامه و طاعته و يمارس حريته في ظله.
إذن، فالعقد الاجتماعي يجسد الإرادة العامة التي تعلو على كل الإرادات الفردية ، فالامتثال و الخضوع للعقد الاجتماعي هو الخضوع للإرادة الجماعية التي تحقق العدل و المساواة و تضمن الحقوق الطبيعية للأفراد، و بذلك فالامتثال للقوانين التي شرعها العقد الاجتماعي لا تتعارض مع حرية الفرد مادام العقد الاجتماعي هو تجسيد لإرادة الفرد.
كما أن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة التمدن، هو انتقال من حق القوة إلى قوة الحق، أي من الاحتكام إلى القوة الطبيعية الفيزيائية إلى القوة القانونية التشريعية و الأخلاقية. و القوة المشروعة في نظر روســو هي قوة الحق، لأن حالة التمدن التي يتحدث عنها تضمن للإنسان نفس الحقوق و الواجبات، و معها تنتهي الحقوق الإنسانية فيتم إقرار العدالة عن طريق عقد القوانين و الاتفاقات التي تجمع بين الشمولية و كونية الإرادة و شمولية و كونية الموضوع. و ضمن نظرة عامة للسيادة أرسى روســو قواعد الاجتماع المدني على أساس الحرية و المساواة و تكريس حالة المدنية من خلال انتقال الإنسان من كائن حيواني إلى كائن إنساني. فإذا كان العقد الاجتماعي قد أفقد الإنسان حريته الطبيعية الغير المحدودة، إلا أنه أكسبه ملكية جميع ما يقتنيه.
لكن إذا كان الحق يروم إلى العدل، فإن القانون لا يرقى دائما إلى هذا المستوى، لذلك فما هو قانوني أو مؤسساتي لا يكون بالضرورة حقا، هنا تطرح علاقة العدالة بالحق: + كيف يمكن الاحتكام إلى الحق لتحديد ما هو عادل؟
2.العـــدالـــة كــأســاس للــحــق:
يبدو أن مفهوم العدالة مرتبط بمفاهيم أخرى خصوصا في المجتمع، و ارتباطه بحقوق الإنسان و بالأخلاق، و هذا ما يطرح التساؤلات التالية: + هل هناك فعلا عدالة أم أن العدالة مجرد مثال يصعب تحقيقه و الوصول إليه؟ + هل العدالة قيمة مطلقة أم نسبية؟ + و ما هو البعد الأخلاقي للعدالة باعتبارها قيمة؟* ألان: يؤكد ألان أن الحق لن يكون عادلا ما لم يتم الاعتراف به من طرف السلطة القائمة. إن عدالته مبنية على الاعتراف به و إلا حصل العكس، حيث القوة تؤسس لحق طبيعي، لكنه غير عادل. فالحق يقتضي وجوب التصريح به و الإعلان عنه حتى تكون له قيمة حقا. و يدعم ألان موقفه هذا، بأمثلة من الواقع المعيش: فحيازة ساعة و وجودها في جيب اللص ليس في أمر الملكية مطلقا. و يؤكد على المساواة كأساس للحق، حيث ابتكر الحق ضد اللامساواة و القوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية، سواء كانوا رجلا أو نساء أو أطفالا أو مرضى أو جهالا. أما أولئك الذين يقولون حسب ألان أن اللامساواة من طبيعة الأشياء فهم يقولون قولا نسبيا.
* الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: يشكل هذا الإعلان مرجعا كونيا، و معيارا مشتركا بين جميع الشعوب لتقيس به مدى تفعيلها و اعترافها و احترامها لحقوق الإنسان، المؤسسة على العدل و المساواة و الحرية.
و هذا مضمون بعض المواد التي يتضمنها هذا الإعلان: لكل إنسان الحق في أن يتمتع بكافة الحقوق... دون تمييز، كالحق في الحياة و الحرية... كل الناس سواسية أمام القانون... و لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم.. لإنصافه، كما لا يجوز استرقاق.. أي شخص.. أو تعرضه للتعذيب و معاملته معاملة وحشية.. أو الحاطة بكرامته...
* شــيـــشــــرون: إن المؤسسات و القوانين لا يمكن أن تكون مصدرا للعدالة ما لم تكن مؤسسة على الطبيعة، و لن تكون هناك عدالة ما لم توجد طبيعة صانعة لها. من هنا ضرورة الفصل بين العدالة و المنفعة، و هو فصل يؤسس لفضيلة مبنية على الحب و الاحترام كأساس للحق.
و في هذا الصدد نجد شيشرون يؤكد على وجود معيار أساسي للتمييز بين القوانين، حيث يقول: " فلكي نميز قانونا حسنا عن آخر قبيح لا نتوفر على قاعدة غير طبيعية. و الطبيعة لا تمكننا فقط من التمييز بين الحق الظلم، و إنما تمكننا كذلك من التمييز بين الأشياء الحسنة و الأشياء القبيحة من الناحية الأخلاقية بصفة عامة ". كما يرى أن الحق الوحيد هو الذي يكون عروة للمجتمع و يؤسسه قانون واحد، هو قانون الذي يشرع تبعا لمقتضيات العقل القويم. و إذا ما كانت المنفعة مقياس كل شيء، فسوف يتم الاستخفاف بهذه القوانين و انتهاكها من قبل من يرى مصلحة في ذلك. لهذا يؤسس شيشرون الحق على الحب، لأن حب الناس هو أساس الفضائل. و في هذا الصدد يقول: " إن.. الفضائل وليدة ميلنا إلى حب الناس... هو أساس الحق ". و متى قام الحق على الطبيعة الخيرة للإنسان كان ملزما.
3. العــدالـــة بين المــســاواة و الإنــصــاف:
يدور الإشكال العام لهذا المحور حول تساؤل أساسي هو كالتالي: + إذا كانت العدالة تهدف إلى خلق المساواة في المجتمع، فهل بإمكاننا إنصاف جميع أفراده؟ و للإجابة عن هذا الإشكال لابد من مقاربته انطلاقا من بعض المواقف الفلسفية:
* أفــلاطـــون: يرى أفلاطون أن العدالة تتحدد باعتبارها فضيلة تنضاف إلى فضائل ثلاث هي: الاعتدال و الشجاعة و الحكمة. فالعدالة حسب هذا الأخير، هي أن يؤدي كل فرد الوظيفة المناسبة لقواه العقلية و الجسدية و النفسية. فهي(=العدالة) تتحقق على مستوى النفوس، حيث يحدث انسجام بين القوى الشهوانية و الغضبية و العاقلة لدى الإنسان. فالضامن الوحيد لتحقيق الفضيلة و العدالة هو الدولة التي تملك سلطة القانون و الحكمة، و تبعا لذلك فإن الوظائف التي تستدعي قدرات عقلية و انسجام الغرائز مع العقل ستكون من نصيب الحكماء الفلاسفة، لأنهم هم القادرون على تحقيق الحق و العدالة.
إذن، فالعدالة فضيلة، تقوم على انسجام القوى المتعارضة، فتحقق على مستوى النفس حين تنسجم قواها الشهوانية و الغضبية و العاقلة، كما تتحقق على المستوى المجتمع حين يؤدي كل فرد الوظيفة التي وهبته الطبيعة دون تدخل في عمل الآخرين. يقول أفلاطــون: " من العدل أن ينصرف المرء إلى شؤونه، دون أن يتدخل في شؤون غيره... فذلك هو ما قد يؤدي بنا إلى العدالة، إذا أديناه على النحو المنشود ": هنا لا يتمثل العدل في تساوي الناس، و لا في إنصافهم، بل في بقاء كل فرد في ما أهلته الطبيعة إليه، و في الدرجة التي يحتلها في السلم الاجتماعي. إنها عدالة الانسجام و الثبات و ليست عدالة المساواة و الإنصاف، إلا إذا اعتبرنا أن استقرار كل فرد في شأنه الخاص به، كعبد أو سيد أو جندي أو عالم، هو إنصاف لطبيعته التي ولد بها. فكل واحد من هؤلاء ولد ليكون كذلك، و لا شيء غير ذلك. و يبدو أن أفلاطون، هنا، يؤسس العدالة على التفاوت بين أفراد المدينة من حيث هو تفاوت طبيعي.
* هــيـــوم: أما دفيد هـــيـــوم فيرى أن العدالة تفتقد معناها عندما تكون غير نافعة، و يدعو إلى التصرف أكثر إنصافا من أجل مصلحة ما، حيث ما وجدت مصلحة وجدت العدالة مادام الإنسان يميل بطبيعته إلى تحقيقها. و في هذا الصدد يقول: " و إذا ما جعلتم العدالة غير نافعة، فإنكم لن تعملوا بذلك إلا على تخريب ماهيتها بالكامل. و لن تعملوا إلا على تعليق الإلزام الذي توجبه على البشر... و باستطاعتنا أن نتعلم كيف أن مصلحة ما تنتج عن تصرف أكثر إنصافا ". لهذا تعتبر المنفعة المصدر الوحيد الذي يمنح العدالة قيمتها و ما يميزها من إلزام أخلاقي. و هكذا فالإنسان حر في تحقيق منفعته الخاصة، و هي منفعة لا تتعارض مع المصلحة العامة. من هنا تغدو العدالة فضيلة لا تخلقها إلا قوانين المجتمع، و من ثم فإن أخلاق المنفعة و المتعة لا تتعارض و مفهوم الحرية الفردية و الجماعية.
* جــون راولـــز : ابتداء من الستينات و بداية السبعينات من القرن الماضي، ستعرف نظرية العدالة وكإنصاف انتشارا كبيرا. و قد حاول راولــز تطوير نظرية العدالة، من خلال نقده للفلسفة النفعية، و ذلك من خلال إعطائه قيمة كبرى لفكرة الإنصاف في المجتمع متنكرا للمفاهيم البرغماتية حول الحق و العدالة التي كرستها هذه الفلسفة: الإنسان حر في تحقيق منافعه الخاصة و لو على حساب الآخرين. لدا يرى راولــز أن النظام العادل لابد أن يقوم على مبدأي المساواة و اللامساواة معا: المساواة في الحقوق و الواجبات، و اللامساواة في الثروة و السلطة. بيد أن اللامساواة لا تكون عدلا أو إنصافا إلا إذا استوفت شرطا و حققت غاية. فأما الشرط فهو استفادة الأقل حظا من ثمار هذه الثروة و السلطة، بواسطة مبدأ تكافؤ الفرص في إمكانية جمع الثروة أو تبوأ المناصب. كما يتجلى ذلك أيضا في دولة الرعاية من خلال تقديم خدمات و مساعدات اجتماعية للذين يعيشون الإقصاء على هامش نظام الرخاء لهذا السبب أو ذاك. و أما الغاية، فهي ضمان التعاون الإٍرادي و العمل المشترك من أجل الرخاء، ضمن ما يسميه بالنظام المنصف للتعاون الاجتماعي.
نقول إذن، إن الإنصاف – بخلاف المساواة – يهدف إلى مراعاة الفروق و التفاوتات و عدم طمسها أو تجاهلها إما بهدف مكافأة المجدين و المستحقين و تشجيع المنافسة أو مساعدة الأقل حظا و نصيبا.
استنتاج: يتبين أن مفهوم الحق مفهوم فلسفي كان أساس نقاش متواصل بين الفلاسفة و المفكرين منذ القديم، لما له من ارتباط بإنسانية الإنسان، و تنظيم حياته الاجتماعية، و تحقيق كينونته.
study
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://baitalhikma.rigala.net
 
الــــــحــــــق و العــــــدالـــــــة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Baitalhikma Bezzanou :: الثانية باك-
انتقل الى: